مقالات عن مشروع البساط الأخضر ما بين عامى 1998 - 1999 - مقالة فى جريدة الوطن بتاريخ 4-12-1998
في تجربة تعمل فيها المرأة إلى جانب الرجل
أسرة البساط الأخضر.. مهندسون ومهندسات
قد يأنف فريق
البساط الأخضر من وصفهم بالفلاحين. ولكنهم بالتأكيد يعرفون الفلاحة من أقدم وأقدس
المهن الإنسانية، وإذا كان تاريخ الحرف والمهن في مجتمعنا مقتصرا على الصيد
والتجارة، وصيد اللؤلؤ، وحديثا استخراج وتصدير النفط، فإن فلاحى البساط الأخضر
يؤسسون في مجتمعنا أركان مهنة الزراعة، وهي الحرفة المنسية التي آن أو أن الاعتناء
بها، لتحويل مساحات من الصحراء الصفراء إلى بساط أخضر يحفل بالنبت والزرع والغذاء،
ففكرة البساط الأخضر تفتح آفاقا جديدة للزراعة في قطر، وتطمح إلى إنتاج زراعي واسع
يعزز الإنتاج الضئيل الحالي. ويصل به إلى نسبة مئوية عالية من الاكتفاء الذاتي.
استراحة الأسرة، زارت أسرة البساط الأخضر، والتقت بفلاحيه من المهندسات
والمهندسين، لتقدم هذه الصورة البانورامية لجهود تبذل في صمت لأحداث نقلة نوعية في
مهنة الزراعة المنسية.
يقول المهندس
غانم بن أحمد السويدي مساعد مديرة البساط الأخضر للشؤون المالية والإدارية أن
زيادة عدد الآنسات والسيدات في مشروع البساط الأخضر ليس لأن مديرته سيدة هي
الدكتورة لطيفة النعيمي. ولكن لآن هؤلاء السيدات والآنسات أثبتن جدارتهن بالفعل
على نحو يزلزل اعتقاد البعض أن المرأة لا تصلح للعمل الميداني، فالحقيقة أن المرأة
القطرية وغير القطرية يمكن أن يفوق اداؤها أداء الرجل، وهذا ما لمسته بنفسي وما
لمسة أيضا كثيرون غيري يعملون بالمشروع، فمثلا د. لطيفة النعيمي امرأة مليئة بعزم
وبإصرار غريبين، فهي تصر على أن المياه الجوفية القريبة من سطح الأرض هي ثروة لابد
من استغلالها، ومن يراها وهي تخرج يوميا إلى موقع العمل بالمشروع، وتشرف بنفسها
على كل كبيرة وصغيرة، فضلا عن مسؤولياتها الأخرى الجامعية والعلمية والوظيفية.
وحينما تعمل في فريق عمل متفاهم وتشعر أن الجميع هدفهم النجاح والانجاز بأسرع ما
يمكن فإن ذلك يحول الإنسان إلى طاقة عمل لا تكف. لقد حولتنا د. لطيفة إلى أسرة
البساط الأخضر، كل همنا إن ننجح، وكل فكرنا في عملنا، فلا وقت لدينا إلا للعمل،
لقد جعلنا المشروع نتفانى وتتوق إلى تحويل مساحات واسعة من الأرض إلى بساط أخضر
وغرس فينا حب مهنة الزراعة. أنني مهندس جيولوجي، ومع ذلك فقد أضافت لي التجربة.
وغنى بالممارسة أنه علمنا كيف تكون منطقيين.
أما المهندس
صلاح سالم السعدي مدير مكتب مديرة المشروع فيقول: أن عمل المرأة في المجال الزراعي
ليس بالامر الجديد ففي كل الحضارات تقوم المرأة بالزراعة جنبا إلى جنب مع الرجل،
ونأمل أن نضع الأسس الحضارية الجديدة لريف زراعي قطري جديد.
وعما تعلمه من
عمله بالمشروع يقول المهندس صلاح السعدي، تعلمت احترام المسئولين والقيادة
والتطبيق العملي لما درسته. أحببت النجاح وأشعر بطعمه عندما انجح في كل مهمة تسند
إلى، ولهذا أمل أن نغير خريطة قطر الزراعية، وأن نجعل الأقمار الصناعية تصورها
بقعة خضراء جديدة على الخريطة الخليجية.
المهندسة لقاء
عبد الكريم تقول: آن الأوان لأن يدرك الرجل أن المرأة حينما يسند إليها عمل، فإنها
تنجح، بل وتنجح بجدارة، فنحن في البساط الأخضر لسنا مجرد فريق عمل موزع
المسؤوليات، ولكننا أسرة في شكل فريق عمل، كل منا يعرف دوره، ومهامه ومسؤولياته
ويتعاون مع الآخر من أجل النجاح، فالتجربة التي نخوضها كأسرة واحدة تعمل فيها
المرآة جنبا إلى جنب مع الرجل بأخوة ومسؤولية وأخلاق حضارية رفيعة المستوى تجعل من
البساط الأخضر مدرسة لتعليم قيم جديدة وعلى المجتمع أن يقدرها ويتيح لها الفرص،
ويساعدها على النجاح.
هالة حسن زهود، المترجمة والسكرتيرة
التنفيذية لمديرة المشروع تقول: أنا التي تترجم كل أوراق ووثائق ومكاتبات المشروع في
علاقاته مع مؤسسات أوروبية وعالمية لاستيراد تقنية أو للأجهزة التي تستخدمها، وقد
أكسبني العمل في هذا المشروع خبرات عديدة، منها أن المرأة يمكن أن تؤدي جميع
الأعمال الميدانية. وهذا ليس بجديد فالمرأة المسلمة مارست عملها الميداني كممرضة
في ميدان المعارك التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم فالمرأة معروف عنها الدقة
وحسن التصرف والقدرة على تحمل المسؤولية، واتخاذ القرار الدقيق والسليم.
وتضيف هالة حسن: لقد صدمت بقرار تجميد
المشروع، ولكن المهندسة لطيفة النعيمي امرأة ناجحة بكل المقاييس، لقد استطاعت أن
تجعل هذا المشروع يستمر، أنها تكتب قصة نجاح جديدة تضاف إلى نجاحات المرأة
القطرية.
أما المهندس صلاح خوجلي مسئول التنسيق
والمتابعة فيقول أن مشروع البساط الأخضر من المشروعات القليلة التي تتضافر فيها
جهود الرجل والمرأة في مساواة رائعة في الحقوق والواجبات. ولهذا لم أشعر بقلق شديد
حينما سمعت بخبر تجميد المشروع، لأن إحساسا ما بداخلي، أنه لا يمكن أن يبلغ أحد
النجاح ويضع في طريقه المعوقات، فنحن نعمل بكل ثقة وتعاون وتفان وإيمان مطلق بجدوى
ما نعمل. ولهذا فإنني مطمئن وحينما تكتمل التجربة ويرى الجميع كيف نجحنا، فإننا
سوف نتلقى التهاني، وسيعرف الجميع ما هو الجهد الذي بدلناه، فنحن نعمل لكي تكون
قطر بقعة خضراء جميلة، نريد أن نزيد التشجير، وإن تكون قطر ليست الأقل تشجيرا بدول
المنطقة كما هي الآن.
أما فضيلة جاسم النصف الباحثة الزراعية
بالمشروع فتقول أن المشروع ميدان خصب للتعلم واكتساب الخبرات، فنحن نخرج ونعمل
فريقا جماعيا بالموقع، كل منا يؤدي دوره في تفان وتعاون، المسؤوليات والرغبة في
النجاح تجعلنا ننهمك في الآراء، ولكن أهم ما يمكن تعلمه في هذا المشروع هو أنك
تستطيع استيعاب دور التخصصات الأخرى المكملة لعملك. فنحن جميعا نعمل من أجل قطر
الخضراء الجميلة، من أجل إنتاج الغذاء، وتوفير احتياجات المواطنين من المحاصيل
والمنتجات الزراعية، وإصرارنا هو الذي سيجعلنا ننجح.
أما سمر عبد القادر سكرتيرة المشروع
فتقول أن هذا المشروع تتعدد فيه الخبرات المستفادة.
ففي المجال الاقتصادي تتمثل الجدوى في
توفير فرص العمل لعدد كبير من أبناء الوطن والمقيمين، كما يزودهم المشروع بالخبرات
خاصة للخريجين الجدد.
كما سيعود من المشروع الكثير من الإرباح
والعائدات المادية على اقتصاد الدولة. وفي المجال الزراعي: يمكننا إنتاج بعض
المحاصيل المفيدة والتي تصلح للزراعة في أجوائنا الحارة. وفي المجال الترفيهي:
سيكون هناك مكان للتنزه والكثير من المساحات الخضراء التي تزين البلاد وهي تعد
مكانا مناسبا لجميع أفراد الأسرة صغيرا وكبيرا.
ولهذا كان خبر تجميد المشروع بمثابة
صدمة وشيء لم أتوقعه على الإطلاق خاصة بعد أن انتهى المشروع من أهم مرحلة وهي المرحلة
التأسيسية. والمستوى الأمثل الذي أتمنى أن يصل إليه المشروع هو أن أري الموقع وقد
انتهى العمل به وأرى الزوار تتهافت للدخول إليه وأن يكون على أحسن المستويات التي
ترضي الزوار ولا يتم ذلك إلا عن طريق الدعاية الجيدة له في جميع مجالات الإعلام
المرئية والمسموعة.